إقالة فليك، وتكليف ناجلسمان بمهمة إنقاذ المنتخب الألماني
اقتربت ألمانيا من يوم رياضي استثنائي في العاشر من سبتمبر 2023، حيث تُوج منتخب كرة السلة لأول مرة في تاريخه بكأس العالم بعد فوزه على صربيا.
ولكن هذا الإنجاز الكبير غُطي بالأخبار المفاجئة عن إقالة هانز فليك، مدرب منتخب كرة القدم الألماني، في خطوة تاريخية للبلاد.
تعتبر هذه المرة الأولى منذ عقود تُقال فيها مدرب منتخب ألمانيا، وجاءت هذه الخطوة بعد الهزيمة القاسية في مباراة ودية أمام اليابان بنتيجة 4-1، وذلك ضمن استعدادات الفريق لاستضافة بطولة يورو 2024 في الصيف المقبل.
إنها هزيمة ليست الأولى بل الأخيرة في سلسلة من خمس مباريات، حيث خسر المنتخب الألماني أربع مرات وتعادل مرة واحدة أمام أوكرانيا، كولومبيا، بولندا وبلجيكا.
لم تكن لدى المانشافت العديد من الانتكاسات خلال مسيرته الناجحة، ولكن منذ نهاية عصر الجيل الفائز بكأس العالم في عام 2014، حيث تفوقوا على البرازيل بنتيجة 7-1، بدأ الفريق يعاني من تراجع غير مبرر بالنظر إلى اللاعبين المميزين المتاحين والبنية التحتية القوية والدوري الذي ينتج المواهب بشكل مستمر.
تمت ربط سلسلة الإخفاقات في كأس العالم 2018 ويورو 2020 بأداء يواخيم لوف وعدم قدرته على تجديد أفكاره واستراتيجيته. وفي هذا السياق، ظهرت فكرة استبداله بهانز فليك كخيار منطقي وحظيت بترحيب الكثيرين، نظرًا لخبرته السابقة في تحقيق النجاحات مع بايرن ميونخ، حيث حصد ثلاثية تاريخية. كان فليك معروفًا للفريق الوطني بسبب عمله السابق كمساعد لوف، ولكن للأسف، لم تسر الأمور كما كان متوقعًا.
قاد فليك المنتخب الألماني في 25 مباراة، حقق فيها الفوز في 12 مباراة فقط، وتعادل في 7 مباريات وخسر 6 مباريات. هذه النتائج لا تتناسب مع مكانة وقوة منتخب ألمانيا. في اختباره الأهم في كأس العالم 2022 في قطر، فشل الفريق بشكل مدهش عندما ودع المونديال من دور المجموعات بخسارة أمام اليابان، وأصبحت تلك الهزيمة رمزًا للفترة السوداء التي عاشها المنتخب.
تشبه الحالة الحالية ما حدث بالمنتخب الألماني عقب كأس العالم 1998، حيث انتهت حقبة الأبطال الذهبية مثل يورغن كلينسمان ولوثار ماتيوس وأوليفر بيرهوف، وواجه المنتخب حينها فترة فراغ تسببت في إخفاقه في يورو 2000 ويورو 2004. ولكن في كأس العالم 2006 الذي استضافته ألمانيا، قدم يورغن كلينسمان جيلًا جديدًا وشابًا تأهل للدور نصف النهائي وخسر أمام إيطاليا، واستمر في التطور حتى بلوغه نهائي يورو 2008 ونصف نهائي كأس العالم 2010 وبطولة أمم أوروبا 2012، ووصوله لتحقيق إنجاز تاريخي برفع كأس العالم في البرازيل 2014.
من الغريب أن الاختلاف بين الجيل الحالي والجيل السابق للمنتخب الألماني هو عدم وجود نقص في اللاعبين المميزين. سواء كانوا لاعبين ذوي خبرة مثل مارك أندريه تير شتيجن وليروي ساني ويوشيا كيميش، أو لاعبين شباب مثل فلوريان فيرتس وجمال موسيالا. حتى المدرب هانز فليك نفسه أثبت أنه واحد من أفضل مدربي الجيل الحالي، كما أظهرت نجاحاته مع بايرن ميونخ. وهذا يختلف عن الفترة السابقة التي عانى فيها المنتخب الألماني من فترة انتقالية لم يكن فيها لديهم لاعبون بارزون، وكانوا يعانون من مدربين غير قادرين بعد رحيل بيرتي فوجتس.
قرار الاتحاد الألماني الصعب بإقالة فليك قبل تسعة أشهر من بطولة يورو يبدو مبررًا، حيث فشل المدرب في إيجاد حلول للمشاكل التي تواجهها الفريق. وعلى الرغم من وعوده بتحقيق تحسن بعد التوقف الدولي في يونيو، إلا أن الهزيمة المذلة أمام اليابان كانت إشارة واضحة على عجزه الفني في إحداث تغيير وإصلاح الثغرات التي ظهرت منذ كأس العالم.
المنتخب الألماني ليس لديه الكثير من الحلول لتعويض رحيل فليك، ويبدو أنه سيضطر لدفع 15 مليون يورو لبايرن ميونخ للحصول على خدمات يوليان ناجلسمان، الذي سيواجه تحديًا صعبًا في تجهيز فريق يعاني من مشاكل كبيرة من أجل المنافسة على بطولة أمم أوروبا في غضون بضعة أشهر فقط. ولكن إذا كان لدينا دروس تعلمناها من المنتخب الألماني، فإنه يعلم أن المستحيل ليس جزءًا من ثقافته. وكل من حضر بطولة عام 2002 وجيل لاعبين مثل أوليفر كان وبالاك وكريستيان زيجه وراميلوف وفرينجز يعلم ذلك تمامًا.